العجز، الدهشة، قلة الحيلة، الألم، والذهول هي مشاعر صاحبتني وأنا أقرأ رائعة الروائي المغاربي Aziz Cherraj ( رحلة بجواز سفر داغشي ). تلك الرحلة التي يرسمها الكاتب عبر شخوص أربعة شباب مغاربة يبحثون عن تحقيق الحلم بالوصول إلى إيطاليا ليجدوا أنفسهم في معسكرات صنع الإرهاب العالمي، معكسرات تنظيم الدولة في ليبيا.

يكشف الكاتب بأسلوب سردي مدهش الغطاء عن أولئك الذين يتم استثمار عوزهم وحاجتهم وعطشهم للإنجاز والخلاص من واقعهم المزري ليتم الإيقاع بهم بواسطة شبكة عالمية لصنع الإرهاب في المصيدة التي لا فكاك منها.

العربي البوهالي الذي فقد والده الجندي وهو صغير واضطر للعمل في عمر العشر سنوات، تحمل أعباء عائلتين مع زواجه، فالمشاكل التي تظهر في كل بيت فتكت بحياته ولم يستطع التوفيق بين زوجته وأمه بوجود الأخ الذي يتعاطى الممنوعات وأخته التي حملت من الشارع ليحتضنها في مشهد أدبي رائع وسرد يدخل السلام إلى القلب، لتقوده الأقدار للعمل في تونس وبسبب الثورة وتوقف العمل هناك يقرر السفر إلى إيطاليا تحت ضغط زوجته حياة ليقع في المصيدة التي تم نصبها له ولمجموعة كبيرة من الشباب وليتم سوقهم إلى ليبيا.

الحكاية تسرد على لسان صديق العربي والذي يدعوه عزيز ب ( الراوي ) وككل الشباب يبحث عن العمل وعن النجاح ليتزوج من حبيبته دنيا التي تنتظره، وحين يكتشف أنه أصبح بين إرهابيي تنظيم الدولة يعاند في البداية لكن نصيحة العربي له بأن يزاول الصمت لينجو تجعله يغير من تصرفاته ويساير وضعه حتى يصل إلى النجاة. معسكر التدريب مُنشأ بطريقة متقنة لا يمكن للبشر الفرار منه، ليقف القدر إلى جانب العربي والراوي فينجوان من الفخ بعد موت أغلب الشباب الذين تم خداعهم وبينهم صديقاهما زيدان والطيبي، إما ضمن زجهم في عمليات إرهابية أو في القصف الذي كان مدبراً، ليتم نقلهما وفق شروط قاسية إلى حقول النفط العاملة للحكومات الغربية. ليخرج بعدها ويحصل على دنيا التي تزوجت وتطلقت وتركت رسالة على صفحته تسيل معها العبرات.

بعد خروجه يكون العالم العربي قد وصل إلى الحضيض في استشراف لمستقبل الدول العربية، فالرواية تنتهي أحداثها سنة ٢٠٢٥ م رغم أنها نشرت سنة ٢٠١٨ . الرواية ذكرتني بخالدة قسطنطين جورجيو ( الساعة الخامسة والعشرون ) والتي يشير إليها الكاتب بقوله أنه خرج من الحقل أو السجن سنة ٢٥ أو في الساعة ٢٥ فالعربي البوهالي يتقمص شخصية موريتز والراوي شخصية تريان ليسردا حكاية الوجع الإنساني وتحكم الأنظمة العالمية بحيواتنا واستعبادنا في أقسى صور المأساة. استحضرت معسكرات تدريب داعش في تركيا، وعرفت من أين أتت جحافل الإرهاب التي صنعت الجحيم السوري. شكراً عزيز، شكراً لأنك أطلعتني على كل هذه الحقائق في روايتك التي أعتبرها من بين أجمل الروايات العربية التي قرأتها.

هذه قراءة الأستاذ سلام حسين من سوريا للرواية.

تحميل كتاب رحلة بجواز سفر داغشي PDF – عزيز شراج

هذا الكتاب من تأليف عزيز شراج و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها